المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الإستراتيجية
The Palestinian Center for Research and Strategic Studies
4 years ago
بادئ ذي بدء،
لا بد من الاشارة بجهود كل من يعمل في المجال الطبي الفلسطيني، من أطباء مجدين ومجتهدين،
وممرضين وممرضات وإداريين ومسؤولين، فهذا جهاز أساسي وضروري ويشكل أحد أهم أذرع
الدولة لخدمة مواطنيها، فخدمة الصحة والعلاج هي خدمة تقيس مدى نجاعة ونجاح كل
حكومة وكل مجتمع، إذ أن خدمة الضعيف والمريض والعاجز والمهمش هي من اهم الخدمات
التي يتشارك فيها المجتمع مع الدولة في تقديمها بأفضل ما يمكن.
ولأن ذلك كذلك،
فإن من حق كل من يعمل في هذا الجهاز أن ينال حقه من الراتب المناسب والمكافآت
المحفزة والاجازات الواجبة والتأمينات المختلفة، لا بد حقاً أن يحصل هؤلاء الذين
يعملون من أجلنا ليل نهار على كل ما من شأنه توفير الأمن والامان لهم في عطائهم،
وأن يتوفر لهم نظام حماية وظيفية يساعدهم في أن يقدموا الأفضل، وأن يزيد من
انتمائهم بحيث لا يغادروا الوطن أو يبحثوا عن فرصة أخرى. وحتى تكون أكثر صراحة،
فإن العروض والفرص والامكانيات التي تعرض أمام أطبائنا -وهم أكفاء وماهرون- كثيرة
ومغرية. ولهذا، فإن من حقهم أن يحصلوا على الحد الأدنى من حقوقهم المالية
والوظيفية، وأقول الأدنى لأنهم في نهاية الأمر مواطنون مثلنا، وعليهم أيضاً أن
يقدموا لهذا الوطن ضريبته من البقاء والصمود وبعض "النقص" الذي لا بد
منه في أرض محتلة.
أقول ذلك كله،
لأصل في نهاية الأمر إلى القول أن إضراب الأطباء الآن، قد لا يكون في محله من
ناحية التوقيت، بمعنى، أنه بالقدر الذي أتفهم فيه مطالبهم المالية الوظيفية
ونضالهم النقابي، فإنني أذكرهم بأننا في خضم حرب وبائية تثير الفزع لدى الجمهور،
وبالتالي، فإن هذا الإضراب في هذا التوقيت قد يفهم بطريقة غير لطيفة، إذ قد يقال
أن هناك ابتزاز أو استغلال للظرف للضغط على الحكومة، وقد يقال أيضاً أن هذا جزء من
تخويف الجمهور حتى يتفهم موقف الأطباء وبالتالي يتفهم مطالبهم، وقد يقال أشياء
أخرى – وهي تقال- ولكننا لسنا بصددها ولسنا بصدد اثارتها في هذا المقال.
ما أركز عليه
في هذا المقال هو أن اضراب الأطباء في هذا التوقيت -على اهمية الاضراب ومطالبه
التي قد تكون محقة وعادلة- ولكن هذا الاضراب لا يخدم الجهود من أجل مواجهة حرب
وبائية تثير خوف العالم كله وليس الفلسطيني فقط.
كما أن هذا
الاضراب قد يتم تفسيره تفسيرات مختلفة في هذه المرحلة الحساسة بالذات.
كما أن مثل هذا
الاضراب الآن قد يشل الجهود الحكومية في أن تستطيع مواجهة المخاطر المتعددة، في
وقت تتم فيه مهاجمة السلطة الوطنية من جميع الجوانب ومن جميع الأطراف.
وبالقدر الذي
نتفهم فيه مطالب النقابة فإننا ندعوها إلى مراجعة موقفها قبل فوات الأوان. وبهذه
المناسبة، فإننا من جهة أخرى أيضاً، نتمنى على وزارة الصحة ممثلة بالوزيرة مي كيلة
أن تفتح حواراً مثمراً وناجعاً مع النقابة يؤدي إلى حلحلة الأمور، فالرفض والاقصاء
وعدم التواصل تؤدي إلى تصلب المواقف وبالتالي اعطاء الفرصة كاملة لكل من يريد أن
يصطاد بالماء العكر.
ليست هناك
ضرورة في الذهاب إلى محكمة العدل العليا في كل نزاع نقابي، إذ لا بد من ارساء
قواعد لفكفكة هكذا خلافات بطريقة أخرى، حتى تقل ظواهر التوتر وانعدام الثقة بين
الحكومة والنقابات.
وبهذه
المناسبة، فإن المجتمع الفلسطيني يتغير حقاً، فقد صار النضال الاجتماعي يكتسب
أهمية متزايدة تشبه النضال السياسي أيضاً، وهي ظاهرة تستحق التوقف عندها، وهي دعوة
إلى الأخوة في الحكومة أن يسنوا سنناً أخرى في التعامل مع التظاهرة المطلبية.
المركز الفلسطيني
للبحوث والدراسات الاستراتيجية
فلسطين، رام الله، حي المصايف
البريد الالكتروني - pcrss.org.ps@gmail.com