المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الإستراتيجية

The Palestinian Center for Research and Strategic Studies

تقدير موقف: "مشروع الضم والخيارات المطروحة"

يأتي تقدير الموقف هذا في ظل تسارع الاحداث، والتصعيد من كافة الاطراف، فلسطين، الاردن، اسرائيل، قبل الموعد..

منذ 3 سنوات

تقدير موقف
"مشروع الضم والخيارات المطروحة"


يأتي تقدير الموقف هذا في ظل تسارع الاحداث، والتصعيد من كافة الاطراف، فلسطين، الاردن، اسرائيل، قبل الموعد الذي حدده نتنياهو لإعلان الضم، ضم اجزاء كبيرة من الضفة الفلسطينية تقدر ب 30%، وهنا نقصد بالأساس منطقة الاغوار، وشمال البحر الميت، وبالتأكيد هناك نوع من المجازفة، إذا ما تقدمنا في اللحظات الاخيرة لترجيح سيناريو معين قد يحدث.

والسؤال المطروح الان، هل سيكون هناك اعلان للضم حسب التاريخ الذي حدده نتنياهو في 01/07/2020؟؟

مجريات الاحداث، وبعض المعلومات العلنية والسرية منها، تشير إلى صعوبة الاعلان في هذا التاريخ، خاصة وأن هناك مساحة ما في الخلافات بين ما يرغب به نتنياهو، وما يريده ترامب من هذا الضم، وهنا نود التأكيد، بأنه لا خلاف بينهما على عملية الضم، بل الخلاف يكمن في التوقيت، ويخدم من هذا التوقيت، وما هو مقدار الربح والخسارة لكل طرف (نتنياهو- ترامب).

ففي الوقت الذي يرغب به نتنياهو، بالانقضاض على الارض الفلسطينية في هذه الظروف التي تخدم تحقيق اهدافه، ووجود ترامب بالحكم كفرصة تاريخية، وحالة الضعف العربي، وتردد المجتمع الدولي باتجاه امكانية اتخاذ عقوبات تجاه اسرائيل في حالة الضم، نرى في تقدير الموقف هذا من الضروري.


الاطلاع على موقف الاطراف الفاعلة في هذه القضية:

اولاً: الموقف الاسرائيلي: 

بالرغم من اعلان نتنياهو، بأنه سيعلن الضم في 01/07/2020، هذا الموعد الذي أصبح غير واقعي بالتوقيت، إلا أن هناك ايضاً ظروف اخرى تدفعنا إلى القول إن هناك عوامل كبيرة تعيق عملية الاعلان في الوقت أو حتى قريب من هذا التوقيت.

- حالة الانقسام بالمجتمع الاسرائيلي.

- الخلافات بين الحزبين الاكبر في الحكومة (الليكود، ازرق ابيض).

- الموقف المعارض للمؤسسة الامنية والعسكرية الاسرائيلية.

- التباينات بين الموقفين الامريكي والاسرائيلي.

- التخوفات الاسرائيلية من ردود الفعل الدولية، وما يمكن أن تتعرض له اسرائيل من عقوبات.

وبالرغم مما تقدم إلا أن نتنياهو، ما زال يرغب بتنفيذ الضم لأسبابه الخاصة ومن أبرزها:

إبقاء الاضواء على مسألة الضم، وبعيداً عن مسألة محاكمته.

المحافظة على كتلة اليمين التي يقودها، وابقائها متماسكة خلفه.

محاولته تفكيك ما تبقى من ازرق ابيض.

ما زالت عيون نتنياهو تنظر للانتخابات الاسرائيلية القادمة، وهي ليست بعيدة، ولن يسلم نتنياهو الحكومة لجانتس.

نتنياهو يرى أن هذا هو التوقيت المناسب، لإسقاط فكرة الدولة الفلسطينية.

نتنياهو يرغب ويعمل للدفع بالقيادة الفلسطينية لإنهاء اتفاقيات اوسلو.

يرى نتنياهو أن الضم، يكرس فكرة انتصار الحركة الصهيونية ورؤيتها التوراتية، وسيكون هو مخلداً كرئيس وزراء استطاع تحقيق هذه الرؤية.


ثانياً: الموقف الامريكي:

ما زال الموقف الامريكي مؤيد للضم، ويعتبر هذا الموضوع شأناً اسرائيلياً، وأن المستوطنات وضم الاراضي، لا يعيق عملية السلام، إلا أن هناك احداثاً كبرى حصلت، لم تكن متوقعة، اثرت إلى حد ما على الموقف الامريكي وهي:

- جائحة كورونا والتي فاجأت الادارة الامريكية، حيث لم تستطع ادارة ترامب التعامل مع هذه الجائحة، بما يليق بدولة عظمى، تمتلك كل الامكانيات.

- تراجع الاوضاع الاقتصادية، وزيادة معدلات البطالة، وهذه الامور كانت في صلب دعاية ترامب الانتخابية، والمدخل الاكبر والاهم في نجاحه، لو بقيت الامور الاقتصادية على ما هي عليه قبل الجائحة.

- انفجار الشارع الامريكي، بعد مقتل فلويد الرجل الاسود من اصول افريقية على يد الشرطة الامريكية، مما أبرز عنصرية النظام السياسي الامريكي ككل. وما زالت التحركات بالشوارع، وتغريدات ترامب العنصرية تتردد على اسماع العالم.

- صدور أو على وشك الصدور لعدد من الكتب التي تعري ترامب، وتنعته بالجهل والتردد، والتهرب من الضرائب، والذي يقف وراء هذه الكتب أقرب المقربين له.

هذا الوضع الضعيف والهش لترامب وادارته، جعله يفكر في مصالحه الانتخابية أولا وقبل كل شيء اخر، حتى قبل مصلحة حليفه نتنياهو. ومن هنا جاء التردد في موقف ادارة ترامب، بضرورة تأجيل الضم، او تقليل حجم الضم، وبدء المقربين من الرئيس يبحثون عن التوقيت الانجع، والذي يفيد أكثر حملة انتخاب ترامب ويرى من الضروري ان يقف نتنياهو بجانبه.

هذا الامر دفع الادارة إلى ارسال وفداً، وبدأ اليوم بالحوار الاستراتيجي مع اركان حكومة الاحتلال، للبحث سوياً عن اخراج " صفقة الضم"، بما يحقق رد الجميل من قبل نتنياهو للرئيس ترامب، وكذلك الامر يعمل على عدم خسارة ما انجزه نتنياهو على صعيد العلاقات مع بعض الانظمة العربية.


ثالثاً: الموقف الاردني:

اعتقد أن الموقف الاردني، حاضر في اذهان الجميع، فلسطينياً، اسرائيلياً، امريكياً، حتى في اروقة السياسة العربية، حيث أن صلابة الموقف الاردني، تجعل المترددين من العرب أن يغيروا موقفهم، باتجاه دعم الموقف الفلسطيني.

- جلالة الملك وبقية القيادة الاردنية كانت واضحة بالموقف من الضم، حيث اعتبره جلالة الملك، بأنه سيؤدي إلى صدام كبير.

- إذا ما حصل ضم الاغوار، سيؤثر على العلاقات الاردنية- الاسرائيلية، وقد يغير شكل المنطقة (إذا ما تم تعليق العمل باتفاقية وادي عربة).

- الاردن شريك للفلسطيني، وليس متضامناً اجنبياً.

- الاردن بدء يدافع عن وجوده، والرسالة الاردنية وصلت لكل من يهمه الامر.

- المؤسسة العسكرية والامنية الاسرائيلية، تعرف جيداً معنى ان يعلق الاردن العمل باتفاقية وادي عربة، أو يجمد التنسيق الامني، أو يغض الطرف عما يدور على الحدود الاردنية- الفلسطينية.

موقف الاردن أثر على الموقف الامريكي، وخاصة مؤسسات الدولة العميقة بالولايات المتحدة، كذلك الامر وصلت الرسالة الاردنية للاتحاد الاوروبي بما يمثله الاردن وملكه من مصداقية.

رابعاً: الموقف الفلسطيني:

منذ فترة والجانب الاسرائيلي، لا يأخذ مواقف السلطة والقيادة دون محمل الجد، ولم يكن يتوقع هذا الموقف الصعب والجريء الذي اتخذه الرئيس. وأي متابع يلاحظ حالة الارتباك، وعدم قدرة الاسرائيلي على قراءة الموقف الحقيقي للسلطة، وهنا من المهم الاشارة، بأن قيادة الجيش والامن الاسرائيلي، لديهم تخوفات كبيرة بسبب عدم قدرتهم على معرفة مدى تدحرج الاوضاع، وإلى أي حد يمكن أن تذهب القيادة الفلسطينية في حالة إعلان الضم.

- موقف القيادة واضح وجريء " لا للضم" بغض النظر عن مساحته وتوقيته.

- الامن الاسرائيلي استلم الرسالة بشكل واضح، لا يوجد كوابح ولا ضوابط على مواقفنا، سنقلب الطاولة، وسنعيد الامور لما قبل اوسلو.

- وحدة الموقف الشعبي والرسمي خلف القيادة. وقدرة الشعب الفلسطيني على الصبر، حينما يكون مقتنعا بصوابيه قرارات القيادة، وهذا واضح من صمت المواطن على الحالة الاقتصادية المتردية، لا يوجد تحركات شعبية مطالبة بالرواتب، بسبب معرفتهم بأن هذا الامر ضريبة المواجهة والرفض لعملية الضم.

- موقف الفصائل، بما فيهم الخصوم، لم يستطع تجاوز سقف مواقف القيادة، وخاصة موقف الرئيس ابو مازن الأكثر تقدما وجذرية في مواجهة الضم.

- ما زال الموقف العربي الرسمي المعلن، يدعم القيادة، بغض النظر عن التفاوت في درجة الوضوح.

- احتضان الموقف الرسمي الفلسطيني، من قبل المجتمع الدولي.

- وحدة موقف حركة فتح التي تقود النضال والمواجهة، فهذا الامر يزعج الاسرائيلي.

على ضوء ما تقدم، وحالة الثبات الفلسطينية، والتخوف الاسرائيلي من اندلاع المواجهات، الامر الذي سيدفع الجيش الاسرائيلي للانتشار في الضفة والتحشيد على حدود قطاع غزة، وهذا يتطلب حشد لا يقل عن عشرة الوية بالضفة وحدها، فكيف إذا تدحرجت الامور الى جبهة غزة. وهنا يأتي السؤال الاهم، هل تستطيع اسرائيل حشد كل هذه القوات في الوقت الذي تتأزم الاوضاع على الجبهة اللبنانية، والسورية؟

ومن الذي يحدد عمق هكذا ازمة، ومدى انتشارها للجبهات الاخرى، وكم ستطول هذه الازمة زمنياً، وموقف الاطراف العربية الاقليمية، وما هي الخسائر التي يمكن أن تتحملها دولة الاحتلال؟

وهل هذه الحسابات، يمكن أن تغير موقف صانع القرار الاسرائيلي عن اعلان الضم؟ وما هي الخيارات امام نتنياهو؟

الخيارات امام نتنياهو:

1- التأجيل الكلي للضم، تحت عنوان تفشي وباء الكورونا، إلى جانب تحميل الشركاء (أزرق أبيض) المسؤولية.

2- الاتفاق على التأجيل لأيام، أو اسابيع ومن ثم اعلان ضم جزئي.

3- تفجير حكومة الائتلاف، والذهاب نحو انتخابات، تحقق لليكود فوزاً ساحقاً.


الخيارات امام الاردن الشقيق:

1- في حالة تأجيل الضم، وذهاب الحكومة الاسرائيلية تجاه عملية ضم جزئية، سيقوم الموقف الاردني على ارضية الشرعية الدولية، وسيعمل على الصعيد الدبلوماسي مع الشركاء، دون تكسير الاواني.

2- إذا ما أعلن الضم، وكان جزئياً، سيتخذ مجموعة من الاجراءات تشمل العمل الدبلوماسي والقانوني والسياسي (من نوع استدعاء السفير الاردني في اسرائيل) واعادة السفير الاسرائيلي الى تل ابيب.

- تجميد عمل بعض الاتفاقيات.

- ابقاء العلاقات مع دولة الاحتلال مجمدة.

3- إذا ما تم ضم منطقة الاغوار وهذا مستبعد، سيكون للأردن موقفاً ذو سقف عالي، وقد يؤثر على مستقبل العلاقة الاردنية الاسرائيلية، وتشمل اعادة النظر في اتفاقية وادي عربة... الخ.


الخيارات امام القيادة الفلسطينية:

1- تأجيل الضم يعتبر انتصاراً على نتنياهو، هذا صحيح ولكن الي أي مدى يتم التأجيل، وهل سيرافقه ضماً جزئياً ام لا؟ 

وإذا ما تم هذا الضم الجزئي، سيكون هناك تحركات شعبية كبيرة، وعمل فلسطيني قانوني، دبلوماسي، سياسي، ومطالبة العرب والحلفاء الدوليين بأخذ مواقف متقدمة.

2- في حالة الضم الواسعة (التجمعات الاستعمارية الكبرى)، لن يعد امام الفلسطينيين سوى التصعيد الميداني الخشن، والاستمرار لفترات زمنية طويلة، حيث تتسع رقعة هذه التحركات والتي تأخذ شكل مواجهات قد تكون عنيفة، مع موقف عدم تدخل الامن الفلسطيني بمجريات الاحداث، ضمن عدم الوصول لمربع العسكرة.

3- إذا ما تم الضم الكلي، (الاغوار) بعد ايام او اسابيع، لن يكن امام القيادة والشعب الفلسطيني سوى المواجهة الشاملة، في كل المحافظات، وبكل الاساليب الممكنة، لأنها ستكون نهاية المعارك.

- في هذه المواجهات، لن يكون هناك امكانية للسيطرة على الشارع، ولا على التواصل، فلنكن مستعدين لهذا اليوم.

- يجب الابتعاد عن فكرة حل السلطة من جانبنا، لأنها انجازاً وطنياً يمكن البناء عليه، كذلك، يجب ان لا نكون نحن المبادرين بإنهاء السلطة، والتي هي مشروعاً دولياً استثمر به الكثير من دول العالم.

- وسيكون العمل على اطالة زمن وجغرافية المواجهات مع الاحتلال، حيث نعطي فرصة لكل الحلفاء الدوليين للتحرك للحفاظ على حل الدولتين.


الاستنتاجات:

- الموقف الفلسطيني، موحد وقوي بتحالفاته، ولا خوف عليه.

- الموقف الشعبي الفلسطيني ملتف حول القيادة وداعماً لتوجهاتها.

- هناك حالة ارتباك في الساحة الاسرائيلية.

- الموقف بالإدارة الامريكية، يشوبه التردد، بسبب ما تعيشه الادارة من ازمات قبل الانتخابات.

- الازمات على الجبهة الشمالية (لبنان- سوريا) جزء من القلق الإسرائيلي.

- حلقة الضم بدأت تتراجع، والضم الجزئي هو الخيار المرجح، إذا ما تم.


المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الإستراتيجية

                                                                      


المركز الفلسطيني

للبحوث والدراسات الاستراتيجية

فلسطين، رام الله، حي المصايف

فاكس: 0097022920215    هاتف مباشر : 0097022920164

البريد الالكتروني - pcrss.org.ps@gmail.com